
قصة مقتل الشاب حمزة جراء الهجوم الذي نفذته ميليشيات البوليساريو على مدينة السمارة
شهادات حية من السمارة عن تفجيرات البوليساريو الإرهابية
لم يكن يتوقع الشاب حمزة الجعايفري، البالغ من العمر 23 عامًا، القادم من فرنسا والطامح بتأسيس أسرة صغيرة مع ابنة خالته نسرين، البالغة من العمر 20 عامًا، أن يجد نهايته بهذا الشكل المأساوي في السمارة، حيث فارق الحياة بعد تعرضه لجروح جراء هذا الهجوم الإرهابي الوحشي الذي هز المدينة الحدودية الهادئة.
قبل وقوع الهجوم الغادر الذي نفذته ميليشيات البوليساريو من خلف الجدار العازل، الذي يبعد فقط 40 كيلومترًا عن المدينة، كانت عائلة الديك تعيش في منزلها بالحي الصناعي بالسمارة في جو من السلام والهدوء، وكانوا يستعدون للاحتفال بالذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء.
يحكي يونس الديك، زوج خالة الشهيد، عن يوم 29 أكتوبر حين كان يقضي إجازة نهاية الأسبوع مع عائلته خارج المدينة. دخل المنزل في الساعة الحادية عشرة ليلاً، ثم فجأة حدث انفجار مروع هز أركان المنزل في لحظات.
في البداية، اعتقد أفراد العائلة أن الانفجار ناجم عن تسرب غاز البوتان. لذا خرجوا بسرعة إلى الخارج خوفًا على سلامة أطفالهم من الحريق الذي لحق المنزل.
وفي تصريح أدلى به لطاقم الجريدة أثناء زيارتهم للعائلة المتضررة، صرح يونس الديك: “عندما خرجنا من المنزل، صُدمنا بأعمدة الدخان الكثيفة تتصاعد من البيت، وسقوط خزان الماء من السطح، مما أكد لنا أن الانفجار لم يكن ناتجًا عن قارورة غاز البوتان على الإطلاق”.
تجمع سكان الحي بعد سماع دوي الانفجارات أمام منزل عائلة الديك، حيث اكتشفوا إصابة رجل الأمن، الذي يستأجر الطابق السفلي من يونس، بجروح خطيرة هو الآخر. تم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى العسكري في مدينة العيون.
ويشير يونس إلى أنهم تذكروا غياب الشاب حمزة، مشيرًا إلى أن والدته رشيدة كانت تصرخ “وليدي حمزة.. وليدي حمزة” بينما كانت الأصوات تطلب المساعدة. كما أفاد أن حمزة كان يقوم بإجراء مكالمات هاتفية مع أصدقائه في الخارج عبر الإنترنت من سطح المنزل بحثًا عن تغطية وشبكة قوية.
يحاول يونس، خلال حديثه للجريدة، إعادة تفسير الألم الذي شهده عندما انتقل إلى السطح، وعاين حمزة للوهلة الأولى وممددًا على الأرض، مغمورًا في دمائه نتيجة القذيفة التي أدت إلى موته فورًا وتفتيت جسده إلى أشلاء.
وأضاف بعينين دامعتين أنه لم يستطع السيطرة على نفسه بسبب الفظاعة التي شاهدها واهتزاز المنزل المكون من ثلاثة طوابق، حيث انهارت أسقفه الثلاثة جراء القصف العنيف الذي نفذته ميليشيات البوليساريو على المدنيين. هرع بعدها نحو عمالة السمارة، واتصل بمسؤول الإقليم وصرخ قائلاً: “السيد العامل، قتلوا لي النسيب.. قتلوا لي النسيب”.
حين تأكد رسميًا أن الحادث هو هجوم إرهابي بواسطة قذائف متفجرة استهدفت أربع منازل في السمارة، واجه يونس تحديًا كبيرًا في كيفية إخبار زوجته وأم الشاب حمزة بالمأساة التي شهدها على سطح المنزل.
تدخلت السلطات لمنع اقتراب الناس من موقع الحادث، وقام رجال الوقاية المدنية بنقل جثة الشاب حمزة أمام أمه، التي كانت تصرخ قائلة: “ولدي حمزة، إذا كنت حيًا، فحرك يديك”. ومع عدم استجابة حمزة لنداء أمه، انهارت بالبكاء وكانت تندب مصيرها، معبِّرة عن ألمها وحزنها بشدة: “أنا اللي جبتك للسمارة يا ولدي. أنا اللي بغيت زواجك من بنت خالتك يا ولدي.. أدعوا له بالرحمة. الله ينتقم من قتلك يا ولدي”.
في رده على سؤال الصحيفة بشأن قصة زواج حمزة من ابنته نسرين، أجاب يونس قائلاً: “لم أكن على علم بطلب الزواج حتى بعد الحادثة، لأن ابنتي كانت تعترض على هذه الفكرة من البداية، حيث كانت ترغب في استكمال تعليمها بمعهد التمريض في العيون”. وأوضح أن “المتوفى لم يتمكن من إقناع نسرين بفكرة الزواج”، قبل أن يختتم بـ “قدر الله ما شاء فعل”.
وفاة الشاب حمزة تركت حزنًا وألمًا في قلوب سكان السمارة وأثارت غضبًا في جميع أنحاء المغرب، مما أدى إلى مسيرات احتجاجية في جميع الأقاليم الجنوبية ضد العمل الإرهابي الجبان والمدان. كان حمزة سببًا في أحلام الشباب الذي حلم بدمج عائلة الديك في العاصمة الروحية والعلمية للصحراء المغربية.